أم إيزيدية تناشد… أعيدوا لي أولادي من براثن داعش

تصمد النساء الإيزيدات رغم كل الذكريات المؤلمة على أمل أيام حرية وعودة أسرى الإبادة، تناشد لأم سيفيه من قرية حردان أن تتجاوز صوتها جدران البيت، قائلةً: “نحن نتحدث لكن كلامنا لا يتجاوز حدود منزلنا، خذوا قصصي بعيداً ليعود لي أولادي الذين وقعوا أسرى بيد المرتزقة”.

هاجم مرتزقة داعش شنكال في عيد أربعينية الصيف عام 2014، للقضاء على العقيدية الإيزيدية، فقتلوا آلاف الإيزيديين بكل وحشية وخطفوا آلاف النساء والأطفال وباعوهم في الأسواق، ولا يزال مصير الكثير منهم غير معلوم. تركت هذه الإبادة الجماعية خلفها الكثير والكثير من القصص الأليمة، فحاولنا إعلام العالم أجمع بقصص القتل والخطف والبيع والاغتصاب والتحرش والهجرة التي عاشوها، فاتجهنا إلى قرية حردان.

تقع قرية حردان شمال جبل شنكال، يعيش فيها قرابة 1700 شخص، يعود تاريخ القرية إلى عام 1952، توجد قرى عربية في 3 جهات من القرية، وقت الإبادة وقع 480 شخص من القرية بيد مرتزقة داعش ولا يزال مصير معظمهم غير معروف حتى الآن، وللذهاب إلى قرية حردان نمر بقرية تل شبك العربية.

“هل يكفي يومٌ؟“

حينما تقترب من القرية تلاحظ بدايةً صمت الشوارع وآثار الإبادة، والمنازل المدمرة والأحياء بلا أطفال، حيث يخيم الموت على أحيائها لكن الحياة تريد العودة إليها، ومنزل الأم سيفيه هو أحد المنازل التي عادت لها الحياة فاحتضنونا.

آلام الأم سيفية صارخة في عينيها، لكن موقفها الواثق من نفسها أثار انتباهنا، احتضنتنا قبل أن تسألنا ودعتنا للدخول، فاقتربنا منها وبدأنا أسألتنا “ماذا حصل في القرية يوم الإبادة؟”

كانت تخبئ الأم سيفيه ألم الإبادة في قلبها، لكن العيون تعكس ما في القلوب، فعندما تقترب من تلك العيون لا داعي للكلام، تصل العين للقلب وتسرد قصتها، فهزت رأسها لسؤالنا وقالت “هل سيكفي يوماً للجواب؟”.

السعادة بالحرية

لم تخرج الأم سيفيه وعائلتها من منزلهم يوم 3 آب، بانتظار غروب الشمس، ليخرجوا من القرية عند الساعة الرابعة مساءً ويتجهوا نحو مفرق قرية حردان، فتوقفهم سيارة داعش على طريق قرية كولات وتنزلهم من السيارة، فيقوم المرتزقة بتفريق النساء عن الرجال أولاً ويأخذونهم بسيارات مختلفة.

يقع 3 فتيات و3 أبناء وزوجها من عائلة الأم سيفيه بيد داعش، وتتحرر هي مع 3 بنات وابنين لها لكنها لا تعرف حتى الآن ما حل بزوجها وأبنائها الأربعة، تقول الأم سيفيه: “سنسعد  عندما يتحرر الجميع من يدي الكفرة داعش”.

“ماذا حل بأولادنا“

عندما كانت تتحدث عن أولادها كانت الروح تخرج منها، لا يزال صوت صراخ أولادها في أذنيها، باع داعش الأولاد في الأسواق وكان ابن الأم سيفيه أحدهم، فتضيف بكل ألم: “كان عمر ابني 6 سنوات أخذوه من حضني وباعوه، أقول أحياناً يا ليته كان حياً ليأتي إلى البيت، يجب البحث عن هؤلاء الأطفال بيد هؤلاء الكفار”.

هذا الألم موجود في قلب كل أم إيزيدية، فتسأل الأم سيفية الإنسانية بالنيابة عن كل الأمهات: “إن انتهى داعش، فماذا حل بأولادنا؟ لماذا لا أهل لأولادنا؟”

تنظر الأم سيفيه بعيداً عندما تتحدث عن أيام الإبادة تتحسر بكل ألم ومعاناة، قائلةً: “أولادي كانوا يتمتعون بصفات جيدة، لكن كيف سيكون من يبقى بيدهم 8 أعوام؟ سيصدأ عقله، كانوا أصحاء عندي، فأخذوهم مني، رأيت ابني الصغير بعد 6 أشهر فطالبت برؤيته بعد ذلك أيضاً لم يسمحوا لي وقالوا لا يجوز أن تلتقي الأمهات بالأطفال لأنهن يغيرن عقولهم، لم نرى بعضنا”.

المرأة…أمل الحياة

منبع الحياة الجديدة يريد الأمل والحب، الأم سيفية صامدة ككل الأمهات لأجل أولادها، فكرت بالموت كثيراً لكن عندما تتذكر أولادها تقرر الحياة من أجلهم، اتجهت الأم إلينا بنفس الأمل وأعطتنا رسالتها الأخيرة: “نحن نتحدث لكن كلامنا لا يذهب بعيداً، لو تستطيعوا أن تأخذوا قصتي بعيداً عن هنا ليعود لنا أطفالنا الذين بيد المرتزقة، ليعيدهم لنا الرب أحياءً، وإن لم يكونوا أحياءً فلينتقم الله لنا”.

روج نيوز. شنكال

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى