مقاومة الكريلا في شنكال ضد داعش أعاد للإيزيديين الأمل بالحياة

عندما واجه المجتمع الإيزيدي هجوم مرتزقة داعش وتخلى عنهم حزب الديمقراطي الكردستاني، كانوا يحضّرون أنفسهم للحظات الأخيرة من حياتهم، لكن تدخل حزب العمال الكردستاني ووصول “الكريلا” إلى شنكال أعاد للمجتمع الإيزيدي أملاً بالحياة، يستذكر رفو حجي اللحظات الأليمة من أيام الإبادة بالقول: “الإبادة مستمرة ما لم يعد الإيزيديون إلى ديارهم، فحياة المخيمات لا تعني خلاصنا من الإبادة”.

“تخلى حزب الديمقراطي الكردستاني عن المجتمع الإيزيدي، وتدخل حزب العمال الكردستاني وأرسل قوة عسكرية “الكريلا” لتحرير الإيزيدين وقضاء شنكال”

واجه الإيزيديون وديانتهم الأقدم التي تمتد إلى آلاف السنين إبادة جماعية أمام مرأى من العالم على هذه الأرض التي يشاركون معيشتهم فيها مع جميع المكونات الأخرى، الإيزيديون المحبين للسلام كانوا يستقبلون ككل مرة عيد أربعينية الصيف، ويتشاركون حلوى العيد مع محيطهم من العرب والكرد والشيعة، لكنهم تفاجؤوا بما لم يكن في الحسبان، حيث هاجم مرتزقة داعش الإيزيديين خلال ساعات المساء من ليلة العيد، وبعد هروب بيشمركة الحزب الديمقراطي في 3 آب 2014 اضطر الإيزيديون بشيوخهم وعجائزهم وأطفالهم لخوض محاولة النجاة بحياتهم وثقافتهم من الموت حتى آخر لحظة، وقاوم رفو حجي البالغ من العمر 58 عاماً مع عائلته المؤلفة من 10 أشخاص للوصول إلى مكان آمن حيث جبال شنكال.

هذه المقاومة في قلب حجي لم تكن وليدة يوم الإبادة بل كانت دماءً تتحرك في أوردته قبل هجوم مرتزقة داعش، والتي واجهت المنع من البيشمركة الذين كانوا يخططون لإبادة الديانة الإيزيدية القديمة.

“منع الإيزيديين من المقاومة“

باحتلال الموصل في 10 حزيران واجه قضاء شنكال خطراً كبيراً، فحاولت بعض العائلات الخروج منه نحو جنوب كردستان، والبعض أرادوا حمايته والكفاح ضد داعش على أرضهم، لكن الحزب الديمقراطي لم يسمح للإيزيديين بالخروج من شنكال ولا مقاومة داعش، ووكان رفو حجي أحد هؤلاء الأشخاص الذي كانوا يعملون بالزراعة قرب قرية كرزرك في شنكال عند احتلال الموصل، فكان يتناوب في حقله يومياً لحماية محاصيله، وكان البيشمركة يوهمون الأهالي بحمايتهم، ويسرد رفو قصة مقاومته حتى أكثر اللحظات صعوبة في حياته وكيف أعاد الكريلا الأمل بالحياة لديهم بوصولهم إلى شنكال.

“عدم التنظيم“

يشير رفو حجي بداية إلى بدء مرحلة الخطر على شنكال، قائلاً: “بدأ داعش بعملياته أولاً في سوريا حتى وصل إلى العراق وحول الموصل، ولكننا لم ننظم أنفسنا للقتال ضد داعش ولم نتحد كي نتمكن من محاربة المرتزقة، لو اتحدنا حينها لاستطعنا هزيمة داعش، وبالرغم من ذلك شهد كرزرك وسيبا شيخ خضر أعنف مقاومة ضد المرتزقة”.

“احتلال الموصل“

ويضيف حجي موضحا خطر داعش عند وصوله لشنكال: “بعد سقوط الموصل كان داعش يقترب منا أكثر ويتمركز حول شنكال، فيما كنا نستعد لمقاومة داعش حسب إمكاناتنا المتوفرة، وبسماعهم عن تحضيراتنا تراجعوا عن هجومهم لعدة أيام إلى أن استكان الشعب، لكن في 2 آب عند الساعة 2 ليلاً وفجأة هاجموا كرزرك، واستمرت المقاومة ضدهم حتى الساعة 8 صباح 3 آب، ولعدم وصول المساعدات للإيزيديين وعدم توفر السلاح بيد الشعب تم إفراغ القرية واستشهد العديد من الشباب، وأنا اتجهت مع عائلتي نحو قرية جدالي في جبال شنكال”.

ويستذكر لحظات وحشية المرتزقة ضد الشعب الإيزيدي بالقول: “كنا نسمع أصوات رمي الرصاص، فحين هاجموا عائلة محمود خرو قتلوا غالبية أفرادها، حاولنا التوجه نحو العائلة لنجدتهم حين رأينا شخصاً تنزف الدماء من رأسه يركض نحونا ويخبرنا أن نتراجع لأنهم قوة كبيرة وسيقتلوننا جميعاً”.

“الموت عطشا“

أكثر ما تألم به رفو حجي ما رآه أمام أعينه، قائلاً: “بقينا أياماً كثيرة في جبال شنكال نقاوم، هزمنا عدة محاولات هجومية لداعش على جبال جدالي، واستشهد رفاقي من حولي، بعد فترة انسحبنا من جدالي ووصلنا إلى وادي كارسيه، واستمرت عملياتنا ضد المرتزقة محاولين منعهم من التقدم، لكن جوع وعطش أولادنا وعوائلنا أثر على مقاومتنا ضد المرتزقة، كنا نمشي في الجبل حين رأينا فتاة شابة قد ماتت عطشاً، وكان هذا أكثر ما آلمني في حياتي، وليس هذه الفتاة فقط كان هناك المئات في الجبل قد ماتوا جوعاً وعطشاً”.

“وصول الكريلا“

يصادف حجي الكريلا عندما يصلون جبال شنكال ويتحدث عن تلك اللحظات ويصف مشاعره بالقول: “كان وضعنا سيئاً للغاية، لكن وصول الكريلا إلينا لنجدتنا ومساعدتنا شكل لدينا بريق أمل في الحياة، وبمجيئهم اتسع نطاق المقاومة ضد داعش، قاومنا مع الكريلا وهزمنا جميع عمليات داعش ضدنا، وحمينا الجبل وبدأنا نحن أيضاً نهاجم المرتزقة، فكان مجيء الكريلا أملاً كبيراً لجميع الشعب الإيزيدي.”

“حياة الهجرة لا تعني الخلاص من الإبادة“

ودعا رفو حجي في ختام حديثه الإيزيديين للعودة إلى شنكال لمنع الإبادات بالقول: “ما لم نكن على أرضنا لن نستطيع تنظيم أنفسنا والخلاص من الإبادات، فحياة المخيمات لا يعني خلاصنا من الإبادة، مالم يعد الإيزيديون إلى وطنهم ستستمر الإبادات.”

روج نيوز. شنكال

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى