الطبيعة والجبال… ملاذ الإيزيديين في شنكال

تمثل جبال شنكال مصدر الحياة للإيزيديين، لذلك فكل شجرة وحجرة ونبع لهم مكانة مقدسة بالنسبة لهم، ويتحدث العم كاكا عن القصة المخفية لأشجار قوالا، قائلاً: “قتل القوال تحت هذه الأشجار، وأخفيت تحتها النور والطاووس، لذلك هي أشجار مقدسة لا يقطعها أحد”.

قد يتساءل البعض لماذا يعتبر المجتمع الإيزيدي جبال شنكال بهذه القدسية، صحيح أن أكثر الأماكن المقدسة للإيزيديين توجد في شنكال ولكن ليست كلها، فهي مقدسة لارتباطها بالدين والعقيدة الإيزيدي، فبعض تلك الأماكن كانت ميداناً للمقاومة حمى الإيزيديون أنفسهم فيها، وفي بعضها الآخرقُتل بعض الشخصيات الدينية، فيرى الإيزيديون كل هذه الأماكن مقدسة بالنسبة لهم.

عندما يتجه المرء إلى جبال شنكال ويمشي بين وديانها وجداولها يدرك ويشعر بقداسة هذا المكان المقدس، لوجود شجرة أو حجرة أو نبع ماء استفاد منه الإيزيديون ويعتبرونه مقدساً لهم، وصلنا لقناعة أننا مهما نصنع أخباراً وملفات وتحليلات عن هذا المكان لن نستطيع أن نوفي هذه الأماكن المقدسة والتاريخية حقها الكامل، لكن رغم ذلك اتجهنا إلى سردشت للتعريف بموضوع جديد ومكان مقدس آخر، تحازي مجموعة أشجار البلوط الطريق من سنون إلى جبال شنكال وصولاً إلى وسط المدينة، فهذه الأشجار تلفت النظر لمحاذاته للطريق بشكل مباشر، وما أثار تساؤلنا هو لماذا لم تقطع هذه الأشجار حتى الآن في حين الأشجار مقطوعة في كل مكان يصله الشعب تقريباً، باستثناء هذا المكان حيث الأشجار على حالها ولم يقترب منها أحد.

“قصة أشجار قاوالا“

لم يعرف الكثير عن تاريخ هذه الأشجار فقط يسمونها “أشجار قاوالا”، وقاوال هم رجال الدين الذين يزورون جميع الإيزيديين مرة في السنة، والطاووس يرافقهم يقدمون النصائح الدينية للمجتمع، وأضافت هذه الأشجار مشهداً جميلاً على سردشت وهي تعني الكثير بالنسبة للكثير من الناس هناك رغم تاريخها المخفي.

“أخبرني والدي بقصة هذه الأشجار قبل وفاته“

بعد رحلة طويلة وصلنا إلى العم كاكا الذي يبلغ عمره أكثر من 70 عاماً، عندما سألناه عن أشجار قاوالا، أجابنا:” والدي يعرف تاريخهم جيداً لكنه لم يحدّث أحداً بها، قال لي والدي هذه القصة وهو يحتضر، قائلاً:” كانت هناك عشيرتين من المسلمين تدعمهما السلطة، وبينما كان القاوال يدورون بين بيوت الإيزيديين في جهة قبلة الجبل وصلوا إلى قمة الجبل من القلعة، وقتلت تلك العشيرتين كل القاوال مستوليين على أدواتهم المقدسة ودفنوهم تحت هذه الأشجار”.

“دفن طاووس وجرا تحت تلك الأشجار“

بعد هذه الحادثة، توجه شابٌ من عائلة خلف خان علي من عشيرة جوان، إلى تلك العشيرتين المسلمتين وقال لهم “أريد أن أصبح مسلماً كفاني إيزيدياً”، فقبل هؤلاء بذلك الشاب مسلماً وبقي لسنوات طويلة عندهم ومنحوه ثقتهم، وفي أحد الأيام سألهم الشاب الإيزيدي ذاك” أين هي تلك الأدوات الإيزيدية المقدسة”، فقالوا له، “تلك الأدوات مخفية تحت مجموعة أشجار في سردشت بجبال شنكال”.

وفور سماع ذلك الشاب بمكان الأدوات يهرب فوراً ويعود للإيزيديين يخبرهم بالمكان الذي أخفوا فيه جرا وطاووس تحت هذه الأشجار، فيخرج الإيزيديون تلك الأدوات ومنذ ذلك الحين يطلقون على هذه الأشجار اسم ” أشجار قاوالا”.

يقول العم كاكا ضمن حديثه المتواصل: “ليدمر الله بيت العثمانيين، ظلمونا كثيراً”، عندما سمعنا هذا الكلام أدركنا أن الدولة التركية تريد القضاء على الإيزيديين عبر التاريخ وحتى الآن.

“يريد الإيزيديون القضاء على أشيائنا المقدسة“

أقامت الدولة التركية الإبادات بحق الإيزيديين منذ التاريخ وحتى الآن، يتجول العم كاكا في التاريخ ويقول:” خربوا قريتنا ليدمروا أشيائنا المقدسة، وبعد إبادة الترك للأرمن هرب قسم منهم إلى جبال شنكال، فأقاموا إبادة جماعية فيها بحقنا بحجة الأرمن، فلطالما كان الأرمن يتحدثون عن ظلم الترك لهم قائلين، كانوا يضربون بالسكاكين في بطون الأمهات الحاملات يخرجون الأجنة منها, ليس هناك من هم أكثر ظلماً من الترك على وجه الأرض.

شنكال. إبراهيم إيزيدي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى