السيرة الذاتية لحياة الفنان القدير خدر فقير

خدر فقير يعتبر من كبار الفنانين الإيزيديين في قضاء شنكال. فاسمه الكامل خدر ابن خديدا ابن كجل ابن عمر من آل زرو. الفنان القدير خدر فقير يكون فرد من أفراد عشيرة الفقراء المتواجدون الآن في قضاء شنكال.

ولد الفنان الراحل خدر فقير في قرية سمي هيستر الواقعة في كرسي، في سنة 1952فحسب الزمان الماضي يتم تسجيله في السجلات الرسمية بمواليد 1950. والدته عدول إبراهيم خلف وهي قريبة والده في النسب وله من الإخوة خمسة أشقاء وأخت واحدة.

فترة الطفولة التي مر بها الفنان خدر فقير:

ترعرع الفنان خدر فقير في قرى كرسى وبالضبط في مسقط رأسه قريتي سمي هيستر و كولكا الواقعتين في الجهة الشمالية من جبل شنكال (سنجار)، في ظل معيشة صعبة كان أهالي شنكال يعانون منها بسبب الفقر الذي عم المنطقة ولعل هذه السمة لا زال الشنكاليون يعانون منها.. ذهب إلى المدرسة وداوم فيها حتى الصف الخامس الابتدائي بإحدى المدارس في كرسى وبسبب مشاكل عشائرية حدثت بين عائلته وعائلة قريب لهم، رحلت عائلته من قريتهم الى قرية مللك في كرسى ثم إلى قرية برانه، مما اضطر إلى ترك المدرسة مبكراً، ولا شك في أن هذا الأمر كان له أثر كبير وصعب على عائلته والتي اضطرت إلى تحمل نتائج تلك المشكلة العشائرية. عندما ترك خدر فقير دراسته الابتدائية لاسيما إنه كان شاطراً وذكياً بفكره واستيعابه للأمور.

بعد سنوات من تركهم لقريتهم وأملاكهم من أراضي زراعية وأشجار التين عادت عائلة خدر فقير إلى قرية مللك واستقروا فيها حتى حدوث مشكلة عشائرية أخرى لعائلتهم اضطرتهم بالعودة الى قريته القديمة سمى هيستر، ومن هذيّن الأمرين يتبين لنا أن الظروف التي عاش فيها خدر فقير اتسمت بالمشاكل العشائرية والتي أثرت على حياتهم ومعيشتهم بشكل سلبي وهذا ما يؤدي بنا للقول في أن تلك الفترة (الخمسينات والستينات من القرن الماضي) تميزت بها شنكال ومناطقها بالمشاكل العشائرية. كما كان لعائلته نصيب الرحيل إلى منطقة الشيخان أو ما يسميه الشنكاليين بـ منطقة ولاطى شيخ في فترة بدايات السبعينات بسبب تفشي الفقر وعدم هطول الأمطار في شنكال والتي أثرت على المنتوجات الزراعية ورعاية المواشي والتي كانت تعتبر المؤونة الأساسية لمعيشة الشنكاليين.

لم يذهب خدر فقير الى العمل لكسب المعيشة كما كان أهالي شنكال يفعلون لكسب لقمة العيش وكان مدللا عند والديّه ونستطيع القول في أن غنائه ساعده في تسيير بعض أموره المادية ولاسيما اشتراكه في الحفلات الفلكلورية في دواوين الكبار ورؤساء العشائر والآغاوات بمختلف المناسبات وأغلبها كانت حفلات الزواج.

زواج الفنان خدر فقير:

تزوج خدر فقير عن حب ولعل هذه ميّزة امتاز بها الراحل كون اسلوب الزواج بتلك الفترة كان عن طريق الخطوبة دون علم الشاب والفتاة. وكل مَن عرف ويعرف خدر فقير، يعرف ويدرك تلك المكانة المميزة لزوجته لديه.

تزوج خدر فقير من غزال سنة1974، وأصبحت شريكة عمره في كل شيء، وعدا تربيتها لأولادهما فقد كانت الحافز الأساسي لتطور فن خدر فقير وغنائه حيث كانت ملهمته والسند القوي له في السرَّاء والضرَّاء. ومقولة (وراء كل رجل عظيم… امرأة عظيمة) انطبقت هذه المقولة على الفنان الكبير خدر فقير لما لزوجته من دور كبير في حياته. عبر علاقتهما القوية وتفاهمها الكبير أصبحت غزال تتعلم سرد تلك القصص الغنائية النابعة من الفلكلور الشنكالي الأصيل، لكنها لم تكن تغني ولم يحدث إن غنَّت بيوم من الأيام.

المشوار الفني في حياة خدر فقير:

بدأ الراحل خدر فقير مشواره الفني منذ صباه ودأب على الغناء الفلكلوري في منطقة شنكال، والذي يمتاز بنكهته المميزة عن باقي الألوان الغنائية في بقية مناطق الكورد بأجزائه الأربعة، لأن اللون الغنائي في شنكال مستنبط من قصص وأحداث من التاريخ الكوردي عامةً والأيزديون منهم بشكل خاص والتي أغلبها تحكي عن الظلم والاضطهاد الذي عانوه، واستمرّ فنان شنكال الكبير بالغناء التراثي ومواويله حتى ذاع صيته في مختلف مناطق كوردستان واشترك في برنامج (مع المستمعين) والذي كان يبث من الاذاعة العراقية في بغداد/ القسم الكوردي ومقدمه حينها كان جمال برواري. وما يميّز فن خدر فقير في أنه استطاع الغناء باللهجات السورانية والبادينية–الكورمانجية وبعض المواويل والأغاني باللغة التركية مع الإشارة في انه كان يستطيع غنائها لكنه لم يكن قادراً على التعاطي مع اللغة التركية.

بالإضافة الى تواجده الدائم في مضايف رؤساء العشائر والأغوات في شنكال وكوردستان. كان للفنان خدر فقير مشاركات رسمية على مستوى الأحداث في العراق ما قبل 2003م، وفي مناسبات عديدة للأعياد القومية الكوردية في اقليم كوردستان ومنطقة شنكال، وحضوره في مناسبات احتفالية او غنائية أعدتها بعض القنوات التلفزيونية الكوردية في الاقليم.. ونستطيع القول أن فن خدر فقير ولونه الغنائي اشتهر حتى وصل الى المناطق الكوردية في سوريا وتركيا. ولم يتوقف عطائه الفني الا بتوقف نبضه عن الحياة رغم حزنه العميق على رحيل زوجته وشريكة حياته.

مكانة خدر فقير في المجتمع، والمساندون له:

كان له مكانة خاصة في نفوس الشنكاليين من الشباب وكبار السن وعلى مختلف شرائحهم لأنه غنى للجميع وكان لصوته الشجيّ وقعا خاصاً بمسامعهم ولا زال الجميع يتحسّرون على رحيله ويتمنون خليفة له يعود معهم الى تلك الليالي والأمسيات التي كان يشدو فيها لهم بمواويله وأغانيه العذبة، ولعل حب الناس على مستوى الجماهير والمحافل الرسمية له كان داعمه الأساس ولا ننسى مؤازرة زوجته له ووقوفها بجانبه كان له الأثر الأكبر في مسيرته.

خدر فقير يرحل عن الفن وعن الشنكاليين

في يومٍ صيفيّ من شهر حزيران رحل الفنان الخالد خدر فقير بعد صراع مع مرض السكري والقلب وحزنٍ ألم به بعد رحيل زوجته غزال، التي أحبها وعاش معها سنوات الحب والعشق، وأخذ منه الحزن والمرض مأخذه حتى فارق الحياة في نهار يوم (29/ 6/ 2009م) بداره في مجمع بورك، ليترك لشنكال وأهلها وأولاده وكوردستان عامةً سنوات من فنه الزاخر بالعطاء، وقد أقيمت مهرجانات واستذكارات فنية تخليداً لرحيله.

راديو صوت جرا شنكال

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى