‘كان تحرير شنكال ثورة’

قالت الصحفية جيندا آسمن عن لحظات المقاومة التي استمرت 11 شهراً في شنكال، وذكرياتها مع الصحفية نوجيان إرهان، إن “تحرير شنكال ثورة في حد ذاته”.

أكدت الصحفية جيندا آسمن على أن مقاومة المجتمع الإيزيدي ما زالت مستمرة حتى بعد تحرير شنكال.

بالنسبة لمجتمع تعرض بعد عشرات الفرمانات والمجازر في تاريخه، لمجزرة أكثر شدة من قبل مرتزقة داعش، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف من الناس، فإن كل شارع وكل حي وكل منزل، وكل طريق يؤدي الجبال يحتوي على آثار الفرمان.

لفت مقاتلات وحدات المرأة في شنكال أحزمة ذخيرتهن بشجاعة ظريفة أوسايان

بقدر آلام الفرمان التي كانت ظاهرة على وجوه مقاتلي قوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة، ووحدات مقاومة شنكال ووحدات المرأة في شنكال، تمكنوا بحماس وقوة كبيرين من تحرير مناطق كثيرة مثل خانسور وشيلو وفك الحصار الثاني لمرتزقة داعش. كما قامت النساء الإيزيديات هذه المرة وبشكل مختلف عن أي وقت مضى ومن أجل الانتقام للنساء اللواتي اختطفن في الفرمان واللواتي ربطن جدائلهن ببعض ورمين أنفسهن من فوق الصخور كيلا تقعن في أيدي داعش بتزيين أحزمة ذخيرتهن بشجاعة ظريفة أوسيان وحمل أسلحتهن.

قادت الصحفية جيندا آسمن بكاميرتها وقلمها نضال شنكال نحو التحرير والذي استمر 11 شهراً لحظة بلحظة، وتابعت هذه المقاومة مع الصحفية نوجيان إرهان.

“نظم المجتمع نفسه أكثر”

استهلت جيندا آسمن حديثها باستذكار الشهداء الذين شاركوا في مقاومة شنكال. وتحدثت عن المقاومة الفريدة التي أبدتها شنكال “على الرغم من المجزرة وما حدث فيها، أراد أهل شنكال بناء وجودهم، لذلك أرادوا بناء تنظيمهم وجيشهم بعزم. وخلال 11 شهراً، قاتل كل من الإيزيديين ومقاتلي قوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة، ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، جنباً إلى جنب”.

لفتت الصحفية جيندا آسمن إلى أهمية التنظيم الذاتي، والتي بسبب عدم وجوده تعرض المجتمع الإيزيدي لـ 72 مجزرة عبر التاريخ، وأشارت إلى أن المجتمع بعد أن رأى خيانة الحكومة العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني، أدرك أنه يجب عليهم أن ينظموا أنفسهم ضد الفرمان الـ 73 الذي تعرضت له شنكال، “في الواقع، رأى المجتمع حقيقة الخيانة وأصبح يفكر وينظر إلى الأمور بطريقة مختلفة. كان هذا شيئاً مهماً جداً. ومع وصول وتدخل مقاتلي قوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة في الوضع، تم إحياء مشاعر الدفاع عن النفس من جديد. وفكر المجتمع الإيزيدي في هذا الواقع: أين أنا كمجتمع، وكإيزيدي؟ ووجدوا أنه لا أحد يقاتل من أجلهم سواهم، وأن لا أحد سيضمن لهم حريتهم. لذلك شعروا بالحاجة إلى بناء تنظيمهم الخاص. أصبحت قيادة ونضال مقاتلي قوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة، أساساً قوياً للغاية بالنسبة لهم. أستمد المجتمع الإيزيدي ثقافة المقاومة منهم كإرث وطوروا أنفسهم. وخلال 11 شهراً من المقاومة، أسسوا وعززوا أنفسهم على هذا الأساس”.

“صمدت شنكال وقاومت بفلسفة (المقاومة هي الحياة)”

في المنطقة التي تخلق فيها المرأة الشمس وتحييها في جميع أوقات النهار، المقاومة هي تعريف للوجود، والنضال المستمر ضد الظلام هو موضوع المناقشة.

وقالت جيندا آسمن إنه على الرغم من المعاناة الشديدة للفرمان الذي لم تلتئم جراحه بعد، ولا زالت هناك الآلاف من الأسيرات الإيزيديات، إلا أن شنكال قاومت بفلسفة (المقاومة هي الحياة)، مضيفةً “الألم الذي عانوا منه أصبح بالنسبة لهم سبباً للانتقام والمقاومة. لذلك بنوا منظمتهم بناءً على فكرة حصلوا عليها من القائد عبد الله أوجلان. في المراحل الأولى من الفرمان، لجأوا إلى الجبال وانتصروا في حرب الحرية التي قادوها بأنفسهم بالاعتماد على جبال شنكال. بشكل عام، في تاريخ الكرد، أصبحت الجبال مأوى لهم ومكاناً للدفاع عن النفس. وفي المقاومة التي نشأت على هذا الأساس، تم تحرير شنكال في 13 تشرين الثاني. رغم أن المدينة قد تحررت، إلا أن مقاومة المجتمع الإيزيدي ما زالت مستمرة، فهي لا تزال تقود مقاومة لا مثيل لها ضد السياسات التي يتم تنفيذها ضدهم”.

“شعرت بالناس ابتسمت لهم”

وتابعت “إذا تحدث المرء عن شنكال وتحريرها فلا يمكن للمرء ألا يذكر نوجيان إرهان. أتذكر أول مرة رأيت فيها نوجيان أرهان وكأني أراها اليوم أمام عيني. يستحيل على الإنسان أن ينسى تلك الابتسامات الجميلة وتلك النظرة التي تبدو وكأنها تعرف الجميع في خضم حقيقة الفرمان والحرب والمقاومة. كانت نوجيان إرهان تعرف الجميع، وتتعامل مع الشخص الذي تلتقي به لأول مرة كصديق عرفته منذ عشر سنوات”.

في لحظات المقاومة والنضال تلك، تابعت جيندا آسمن الحقيقة مع نوجيان إرهان، وعن تأثيرها على النساء الإيزيديات وتقول “يمكن للمرء أن يقول إن نوجيان إرهان تحدثت عن الحقيقة، لكن يجب أن نقول أيضاً ما هي هذه الحقائق؟ لم تكن المرأة تستطيع أن تبتسم أمام الكاميرا، أو أن تقول كلمتين؛ لكن نوجيان جعلتها تتمكن من الضحك والتحدث. لقد أثبتت كيف يتم التعبير عن هذه الحرب بلغة النساء. وضعت الكاميرا في أيدي الإيزيديات لالتقاط الصور بأنفسهن. لقد أدركت هؤلاء النساء أن هذه هي الطريقة التي تتحقق بها الحرية. زارت نوجيان كل المنازل في شنكال وبحثت خطوة بخطوة. سواء كانت تعرفهم أم لا طرقت باب الجميع. شعرت بالناس، ابتسمت لهم. سمح هذا الشعور والحب دائماً ببقاء أثر لنوجيان إرهان في تلك الأماكن”.

“البعض بكاميراتهم والبعض ببنادقهم”

بقولها “إن تحرير شنكال كان ثورة في حد ذاتها” تحدثت جيندا آسمن عن تحرير شنكال، مشيرةً إلى أنها كانت ثورة مستقلة من حيث وحدة جميع الأعمال والأنشطة، ولفتت إلى أن إرادة المرأة الإيزيدية أصبحت أكثر ثقة بهذا التحرير، “في هذه الثورة، الاعتراف بإرادة المرأة الإيزيدية التي ظهرت خلال الحرب؛ كانت ثورة مختلفة. في الواقع، حدثت ثورة داخل الثورة. عندما تم تحرير شنكال ودخلنا المنطقة، كان البعض يحمل الكاميرات والبعض الآخر يحمل البنادق، لا يمكن التعبير عن المعنويات والحب الذي تم اختباره في تلك اللحظة بالكلمات. تلك اللحظة تُعاش فقط. فأنت تعود إلى المكان الذي تم إخراجك منه بالعنف والهجوم والقتل بإرادة وتصميم كبيرين وبعملك الشاق. كانت هذه فرحة مختلفة جداً لشعبنا الإيزيدي ولكل أولئك الذين ناضلوا هناك من أجل حرية وتحرير شنكال”.

“حاول الحزب الديمقراطي الكردستاني الاستيلاء والسيطرة على عمل وجهود الشعب”

“عند ذهابي إلى شنكال بقدر محاولتي إظهار الحقيقة، جعلتني شنكال أيضاً أتعلم منها الكثير من الحقائق. في ذلك الوضع الذي ترك فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني ذلك المجتمع وفر هارباً، الآن أيضاً يريد السيطرة على جهودهم وتجاهل الأشياء التي حدثت، لذلك بدأ التحرك من أجل ذلك. لقد قال أسلاف الكرد لمثل هؤلاء الناس؛ “الوجه الأسود لا يأبه بالسواد”. هذه المقولة هي بالضبط أقوى إجابة في هذا الموقف.

وأضافت “قوى الحزب الديمقراطي الكردستاني التي خانت هذا الشعب في الفرمان، تريد الاستيلاء على عمل ذلك الشعب وجهوده بعد التحرير. لكن المقاومة التي حدثت في شنكال لم تسمح بتكرار تلك الخيانة مرة أخرى ولم تسمح للقوى التي هربت في الفرمان بالاستيلاء على عمل هذا الشعب”.

استذكرت الصحفية جيندا آسمن مرة أخرى قادة المقاومة في شنكال، “في مقاومة شنكال، ظهر قادة أقوياء وشجعان للغاية. وكان من بين هؤلاء الرواد الشهيدة بيريفان، والشهيدة برخدان، ودجوار شنكالي، وزردشت شنكالي. كما نريد أن تصبح الثورة التي حدثت في شنكال أقوى”.

وكالة أنباء المرأة. قامشلي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى